Fun | Operating Systems | Jerash | Islam | Then...and Now | Art | Posts in Arabic : عربي or in Italian : Italiano
This blog is TOTALLY designed by me.
|
لم يخلق الله داءً أشد من ألم أم على وفاة ابنها، وأن يتم القتل علي يد رجل لا ضمير له ولا دين فإنما يزيد ذلك الألم حدةً وبأساً، ,وإن كنت لا أختلف على حق ذوي المتوفى في معرفة هوية الجاني بل وأقف بجانبهم في حزنهم ومطالبتهم للعدل، لا بد أن أعترف أنه قد حيّرني الاهتمام المبالغ من الجميع في هذه الحادثة وأن يأخذ حادث سير وبشكل استثنائي هذا القسط الواسع من وسائل الإعلام. أنا متأكد أن هناك عشرات الحالات المماثلة تماماً تحدث سنويا في الأردن ولكل لم يهتم أحد بها، معظمها لم تذكرها الجرائد، وبعضها أدهشت المارة لبعض الساعات فأصبحت نسياً منسياً. وأما هذا الحادث نال من الاهتمام أكثر ما نالته الآلاف من حوادث السير تحدث سنويا في المملكة. وعلى الرغم من أنه يموت نحو 800 فرد في الأردن نتيجة حوادث السير، إلا أنه وفي هذه الحالة فقط أسمع رئيس الوزراء يهتم شخصياً بهذا الحادث وتخصص كل من الصحف مساحات واسعة من صفحاتها وبرامج إذاعية تطول لساعات للحديث حول هذا الموضوع، وتشكل مديرية الأمن العام لجنة خاصة للتحقيق، ويخصص للمتحدث باسمها مساحة واسعة ضمن نشرة أخبار الثامنة ليطلعنا على إنجازات الشرطة في القبض على الجاني. وأما الآن فدعوني أعرفكم على (ضيف الله).. وهو شاب عمرة ست عشرة سنة، ولكن لم يلتحق في إحدى المدارس الخاصة من فئة الخمس نجوم، وذات المناهج الأميركية، ذلك أن القسط الفصلي لمثل هذه المدارس يفوق ما تحصل عليه عائلة ضيف الله جميعها في عام كامل.. ولا يمكن اعتباره من الطبقة "البرجوازية" فإنه راعٍ ابن راع يقيم في إحدى قرى البادية المنسية، قد تكون صبحا وصبحية أو المنشية أو الباعج أو غيرها من المناطق التي لا يعرف "أبناء الذوات" إن كانت أساميها حقيقية أو ضرب من الخيال.. وأما ضيف الله فهو نفسه أصبح يشك إن كان موجوداً فعلاً أم لا، إن كانت المؤسسات تعامله كمواطن أو تعترف به كإنسان على الأقل، لأنه إذا تعرّض - لا سمح الله – إلى حادث سير ولاذ السائق بالفرار لن تشكل مديرية الأمن العام لجنة خاصة للتحقيق في الحادث، ولن تصرف حضرات الكتاب والصحافيين أحبارهم للكتابة عنه، ولن يحصل شرف أن يترك رئيس الوزراء جل أعماله ويهتم بقضيته... فإن مات ضيف الله لا أحد سوف يعتني به، وسوف يكتب اسمه على قبره فقط، وسوف ينال شرف أن يصبح (عدداً) يضاف إلى أعداد المتوفين بحوادث السير... فإن مات ضيف الله لن أبكي... لأن ضيف الله لا بواكي له..
|