أنا لا أشكك في وطنية الإخوان المسلمين، خاصة أني رجل لا أؤمن بالوطنية المتمثلة بالشعارات الرنانة ورفع صور القادة، التي عادة ما ترمز إلى وطنية مشبوهة قد تكون مرتبطة بأشخاص ومناصب أكثر مما تكون مرتبطة بالوطن نفسه.

ومن يدرس تاريخ الإخوان المسلمين يعرف جيداً دور الجماعة في بناء الدولة الأردنية، لا سيما في دعم النظام والوقوف ضد جميع محاولات الانقلاب التي شهدها الأردن.

أكرر، في هذه المقالة لا أريد أن أشكك في وطنية الإخوان، ولا في روابط الغرام والانتقام بينهم وبين الحكومات المتعاقبة، ولكن أدعوكم إلى القيام بمقارنة بسيطة بين الإخوان الأردنيين والإخوان المصريين مثلاً. خطاب الإخوان المسلمين في مصر خطاب وطني بحت، تسمع أحدهم يتحدث عن السياسة فيذكر مصر بخير، يذكر المصريين بصفاتهم الحسنة الحميدة، وهذا لا يقلل من هم الجماعة الإسلامي أو القومي. أما هنا فالحديث عن الوطن بخير ما زال ذنباً لا فضيلة.

حتى لو أخذنا حزب الله في لبنان، والذي كثيراًُ ما يتم التشكيك في حقيقة حبه وانتمائه للبنان، يضعون همّ شعبه في المقدمة. من منا لم ير كثرة الأعلام اللبنانية في مظاهرات حزب الله؟ أما في الأردن فقد اضطرت الحكومة يوماً لإصدار قرار برفع علم الأردن على مقر الإخوان المسلمين، بعد ستين عاماً كان لم يرفع فيها هذا العلم على الإطلاق.

اسمحوا لي أن أصف حركة الحكومة هذه بالغبية، ربما قد اعتدنا على مثل هذه الحركات، لكن من الواضح أن الوطنية لا يمكن أن تأتي بإجبار الناس على رفع الأعلام، لا بالتهديد لمن يقوم بحرقها في المخيمات، الوطنية على حد علمي أعمق من ذلك بكثير...